top of page

مِمّا قرأت

تعلّم  كيف تُوصِل النقاط معاً
من بعض أفضل الكتابات في العالم

White leather background with grained pattern_edited.jpg

كيف تكتب خطاباً يتذكره التاريخ؟

تاريخ التحديث: 11 نوفمبر

وينستون تشرشل
وينستون تشرشل

تحليل مقطع من خطاب وينستون تشرشل


لم يكن ونستون تشرشل فقط رئيس وزراء المملكة المتحدة. كان أيضاً  كاتباً غزير الإنتاج. كتب رواية، وسيرة ذاتية، ومذكرات، وبالطبع خطابات، وآلاف الرسائل. يقدّر مارتن جيلبرت، كاتب سيرته الذاتية، أن تشرشل كتب أكثر من 20 مليون كلمة.


سنقاتل على الشواطئ، سنقاتل على أرض الإنزال، سنقاتل في الحقول وفي الشوارع، سنقاتل على التلال؛ لن نستسلم أبداً.

We shall fight on the beaches, we shall fight on the landing grounds, we shall fight in the fields and in the streets, we shall fight in the hills; we shall never surrender.

ألقى هذا الخطاب في لحظة حرجة خلال الحرب العالمية الثانية. كانت فرنسا على شفا الانهيار، وكانت بريطانيا تواجه تهديد الغزو، وأراد تشرشل أن يُعدّ الجنود البريطانيين للمعركة الطويلة التي تنتظرهم. كان ذلك يعني عملياً الدفاع عن الأمة ضد ألمانيا النازية، مهما كانت التكلفة.


بنية هذه الجملة في خطابه بسيطة واستراتيجية. هناك عبارات يمكن تبديل موضعها قليلاً، وهنالك عبارة أساسية ثابتة في مكانها بنهاية الجملة. يُرسّخ تشرشل الفكرة بالتكرار. استخدم كلمة «سنقاتل» أربع مرات، والقتال سيدور في خمسة أماكن مختلفة: الشواطئ، وأرض الإنزال، والحقول، والشوارع، والتلال. كل كلمة، كل عبارة، تمهد الطريق إلى الفكرة الرئيسية في نهاية الجملة: «لن نستسلم أبداً.» هذا هو المضمون الذي أراد إيصاله. لكن تشرشل يعلم تماماً أن البلاغة قد تكون أحياناً أمضى من السلاح. أراد  أن يخاطب قلوب الناس، وليس عقولهم فقط.


النصيحة التي قد تتلقاها اليوم في الكتابة، هي أن تحتفظ بما هو ضروري وتتخلص من كل ما هو غير ذلك. لكن تشرشل يتجاهل هذه القاعدة أو النصيحة. كان بإمكانه إيصال المضمون والمعلومات ذاتها في سبع كلمات فقط: «سنقاتل في كل مكان. لن نستسلم أبداً.» لكن يعد بها وقع عاطفي، أليس كذلك؟


بدلاً من ذلك، استخدم 18  كلمة ليمهد الطريق نحو النقطة الرئيسية. ترتيب الموقع الذي جاء فيه العبارات (وهي 5) داخل الجملة غير مهم. إذْ يمكن استبدالها، أو إضافة المزيد منها، دون أن تُحدث تغييراً كبيراً في إيقاع الجملة ووقعها (مثلاً: كان يمكنه أن يضيف: سنقاتل في المدن، سنقاتل في الغابات إلخ). كل ما يهم هو أن النقطة الرئيسية: «لن نستسلم أبداً»، جاءت في النهاية. ذلك لأن الرسالة التي أراد تشرشل نقلها ليست مبنية على حجج منطقية. إنها صرخة حشد.


لكن انتبه: المزيد من التكرار ليس دائماً أفضل. التكرار والوَقْع غالباً ما يكونان في حالة شدّ وجذب. التوازن الأمثل بينهما يعتمد على السياق. إذا أكثرت من التكرار، قد تفقد وقع جملتك. ولسبب ما، إذا كان عدد التكرارات فردياً (3، 5، 7، 9 إلخ) يكون في كثير من الأحيان لها تأثير أكبر من الأعداد الزوجية (2، 4، 6 إلخ).


وقد حقق تشرشل التوازن المثالي في جملته: 5 عبارات (تكرار)، واستنتاج واحد أخير: «لن نستسلم أبداً.»

White leather background with grained pattern_edited.jpg

اكتب كما يكتب العظماء

أمثلة جديدة أسبوعياً، مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

اشترك في النشرة البريدية

White leather background with grained pattern_edited.jpg

كُنْ جزءاً من الرحلة

دعمك يصنع الفرق

إن وجدت في هذا المحتوى ما يُثري عقلك ويُلهم قلبك، فتبرّعك يُبقيه مستمراً..

اختر المبلغ الذي تريد التبرع به
‏١٠ €
‏٢٠ €
‏٣٠ €
‏٦٠ €
‏١٠٠ €

يمكنك التبرع أيضاً باستخدام PayPal

White leather background with grained pattern_edited.jpg

تودّ أن تتعمّق أكثر؟

White leather background with grained pattern_edited_edited.jpg

لماذا: «مِمّا قرأت»؟

«مِمّا قرأت»، قسم جديد في موقع «المحرر نت»، يحتفي بالكتابة الرفيعة. وعلى الرغم من الجهد المبذول فيه، إلّا أنه مجاني تماماً. في ثقافتنا، وا أسفاه، نادراً ما نقدّر الجهد الفكري ماديّاً، نعتبره هبة من الله. في كل مادة، نُفكِّك نصّاً من أعمال كاتبٍ مرموق، أو نصّاً يستحق. ستشعر بأنك في مختبر للأشعة السينية؛ ترى بوضوح الديناميكيات التي تجعل جملة ما تنبض بالحياة؛ والهدف أن تُحسِّن أنت أيضاً مهاراتك في هذه الصنعة. ثمّة تصوّر شائع يحول دون تحسين مهارات الكتابة، بأن يُنظر إلى النص بوصفه كتلة واحدة؛ فـ«النص»، بحسب هذا التصوّر، إمّا أن يكون حسناً بأكمله أو لا. ليس ثمَّة نص حسن؛ بل جمل حسنة. ألا ترى أنك عندما تقرأ نصّاً رائعاً، تتذكر منه جملاً بعينها؟ الكتابة الحسنة هي كتابة الجملة الحسنة. ستكتشف هنا كيف تتشكل الكتابة العظيمة؛ سنرفع الغطاء عن المحرك لترى آلة اللغة وهي تعمل. لا نملي عليك قواعد لتتبعها، بل نمسك بيدك، ونرشدك إلى النافذة التي ترى من خلالها كيف يجيد الكتّاب العظماء صنعتهم، لتكتشف بدورك صوتك أنت. ستتعلم كيف تبني مشهداً حيوياً بكامل تناقضاته وتعقيداته مثل تشارلز ديكنز، وكيف تصف مثل جيمس جويس؛ كيف تقود بالبلاغة مثل وينستون تشرشل، وكيف تعبر عن أحاسيسك مثل غريغوري روبرتس؛ ستتعلم كيف تكون ساخراً مثل جيري ساينفيلد، وكيف تُقْنع الآخرين مثل روبن ويليامز، وتكتب جملة طويلة مثل جاك كيرواك، وأسماء عظيمة أخرى كثيرة. خلال ذلك، ستستمتع بالتحليلات، رغم ما قد توحي به من جفاف؛ لذلك استعضنا عن الجفاف بالألوان. ستجد شروحاً نصيّة ورسومات توضيحية ملونة، وأحياناً مقاطع فيديو، كل ذلك لنجعل التعلّم حيوياً ومتعدد الأبعاد. كثيرة هي النصائح التي نقرؤها اليوم عن الكتابة: «كن مباشراً»، «اختصر»، «تخلّص من الحشو»، «ادخل صلب الموضوع، اجعل جملك قصيرة». وإذا دبّت الحماسة التراثية، تكون النصائح: «الألفاظ المتخيرة، والمعاني المنتخبة، والمخارج السهلة، والديباجة الكريمة، والطبع المتمكن، والسبك الجيد، وكل كلام له ماء ورونق». لا شك أن هذه النصائح جيدة؛ لكنها مجدية في حالات معينة، ولا ينبغي لها أن تكون قواعد مطلقة. الحقيقة أنه لا توجد طريقة واحدة للكتابة الحسنة، تماماً مثلما لا توجد طريقة واحدة للكلام الحسن. فاللغة التي تستخدمها في اجتماع عمل، تختلف تماماً عن التي تستخدمها في موعدك الغرامي الأول، وهي بدورها تختلف عن الطريقة التي تتحدث بها مع صديق. الكتابة هي تماماً مثل ذلك. في «مِمّا قرأت»، نحتفي بالجنون، والغرابة، والاختلاف، وهي جميعها جوهر أن تكون للكتابة «شخصية» وصوت. نحاول تعليمك كيف تكتب ببصمة إنسانية مميزة في عالم يوشك أن يغمره محتوى كتبه الذكاء الاصطناعي. الكتابة الإنسانية تتطلب تصميماً إنسانياً؛ لذلك أمضينا وقتاً طويلاً، وبذلنا جهداً استثنائياً في تصميم الصفحة التي تكرّم الأعمال الكلاسيكية دون أن تقع في فخ الرتابة و«الدقة» القديمة. كل لون، وعنصر، وخط، وشكل، وخلفية، اُختير بعناية ليكون كُلّاً واحداً يناهض «التسطيح» في عالم الإنترنت والسوشال ميديا؛ العالم الذي نعيشه، و… نقاومه. الآن، الكرة في ملعبك، إذا أردتَ تعلّم الكتابة، ابدأ من هنا.

bottom of page