كيف تصف عصراً؟
- رشاد عبد القادر

- 4 نوفمبر
- 2 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 11 نوفمبر


كانت فرنسا تمر بفترة مضطربة، فوضوية، متناقضة. كان الناس يحملون معتقدات سياسية متطرفة ومواقف عدائية تجاه من ينتمون إلى طبقة اجتماعية مختلفة. كانت الثورة الفرنسية دموية وخارجة عن القانون؛ ومع ذلك، لم يستخدم تشارلز ديكنز أياً من هذه الصفات لوصف فوضى تلك الحقبة في روايته قصة مدينتين (1859).
«كان أحسنَ الأزمان، كان أسوأ الأزمان، كان عصر الحكمة، كان عصر الحماقة، كان عهد الإيمان، كان عهد الجحود، كان زمن النور، كان زمن الظلمة، كان ربيع الأمل، كان شتاء القنوط . كان أمامنا كل شيء، ولم يكن أمامنا شيء. كنا جميعاً ماضين إلى الجنة مباشرة، وكنا جميعاً ماضين إلى جهنم مباشرة.»
“It was the best of times, it was the worst of times, it was the age of wisdom, it was the age of foolishness, it was the epoch of belief, it was the epoch of incredulity, it was the season of Light, it was the season of Darkness, it was the spring of hope, it was the winter of despair, we had everything before us, we had nothing before us, we were all going direct to Heaven, we were all going direct the other way…”
باستخدام مجموعات من المتضادات، يصور ديكنز الانكسار الذي طبع الثورة بطابعه:
«كان أحسنَ الأزمان، كان أسوأ الأزمان»: كان عدد الناس الأثرياء، قلة قليلة ولم يكن نمط حياتهم يشبه حياة الفقراء بشيء. كانت هناك العائلة المالكة ببذخها، وكان هناك فلاحون جوعى يتصارعون في أحداث شغب حول الخبز.
«كان عصر الحكمة، كان عصر الحماقة»: تميزت هذه الحقبة أيضاً بالاختلافات المتطرفة في المعتقدات. أنجب عصر التنوير فلسفات الحرية والمساواة، لكن كان هناك متطرفون يعربدون في المدن ويقاتلون من أجل حقوقهم.
يقول الناس إن طريق الجحيم معبّد بالنوايا الحسنة، وهذا كان صحيحاً بالنسبة للثورة الفرنسية. يقول ديكنز: «كنا جميعاً ماضين إلى الجنة مباشرة، وكنا جميعاً ماضين إلى جهنم مباشرة.»
مثل ديكنز، يمكنك أن تُظهر تعقيدات عصر ما بإبراز التناقضات داخله. هذا يساعد القارئ على فهم تعقيدات المشهد بصورة حسّية وليس مجرّد مفاهيم. لا حاجة لتعقيد الأمور. كل ما تحتاجه هو قائمة من المتضادات. هنا، لدينا: الأحسن مقابل الأسوأ، الحكمة مقابل الحماقة، الإيمان مقابل الجحود، النور مقابل الظلمة، الأمل مقابل القنوط، كل شيء مقابل لا شيء، الجنة والجحيم.
لم تكن الثورة الفرنسية مجرد شيء واحد أو آخر. كانت متناقضة. عليك أن تشعر بها لتستوعبها.
وعلى الرغم من أن النصيحة الدائمة في الكتابة هي قاعدة: «نوّع في بناء الجمل!» إلا أن ديكنز يكسرها هنا ويتبع جملاً بإيقاع واحد. في الكتابة ليس ثمة شيء مقدس. اخرج عن القواعد والنصائح كلما وجدت ذلك ضرورياً.






